الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)
.تفسير الآيات (61- 63): {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}قصد الآية وصف إحاطة الله تعالى بكل شيء، ومعنى اللفظ {وما تكون} يا محمد، والمراد هو وغيره {في شأن} من جميع الشؤون {وما تتلوا نه} الضمير عائد على {شأن} أي فيه وبسببه من قرآن، ويحتمل أن يعود الضمير على جميع القرآن، ثم عم بقوله: {ولا تعملون من عمل} وفي قوله: {إلا كنا عليكم شهوداً}، تحذير وتنبيه، و{تفيضون} تنهضون بجد، يقال: أفاض الرجل في سيره وفي حديثه، ومنه الإفاضة في الحج ومفيض القدام، ويحتمل أن فاض عدي بالهمزة، و{يعزب} معناه: يغيب حتى يخفى حتى قالوا للبعيد عازب، ومنه قول الشاعر [ابن مقبل]: [الطويل]وقيل للغائب عن أهله: عازب حتى قالوه لمن لا زوجة له، وفي السير أن بيت سعد بن خيثمة كان يقال: بيت العزاب، وقرأ جمهور السبعة والناس {يعزُب} يضم الزاي، وقرأ الكسائي وحده منهم: {يعزِب} بكسرها وهي قراءة ابن وثاب والأعمش وطلحة بن مصرف، قال أبو حاتم: القراءة بالضم، والكسر لغة، والمثقال: الوزن، وهو اسم، لا صفة كمعطار ومضراب والذر: صغار النمل، جعلها الله مثالاً إذ لا يعرف في الحيوان المتغذي المتناسل المشهور النوع والموضع أصغر منه، وقرأ جمهور الناس وأكثر السبعة: {ولا أصغرَ ولا أكبرَ} بفتح الراء عطفاً على {ذرة} في موضع خفض لكن منع من ظهوره امتناع الصرف، وقرأ حمزة وحده: {ولا أصغر ولا أكبر} عطفاً على موضع قوله: {مثقال}، لأن التقدير وما يعزب عن ربك مثقال ذرة، و{الكتاب المبين}: اللوح المحفوظ، كذا قال بعض المفسرين، ويحتمل أن يريد تحصيل الكتبة، ويكون القصد ذكر الأعمال المذكورة قبل، وتقديم الأصغر في الترتيب جرى على قولهم: القمرين والعمرين، ومنه قوله تعالى: {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة} [الكهف: 49] والقصد بذلك تنبيه الأقل وأن الحكم المقصود إذ وقع على الأقل فأحرى أن يقع على الأعظم، و{ألا} استفتاح وتنبيه، و{أولياء الله} هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة، وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي، وإنما نبهنا هذا التنبيه حذراً من بعض الوصفية وبعض الملحدين في الولي، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا سئل عن أولياء الله؟ فقال: الذين إذا رأيتهم ذكرت الله.قال القاضي أبو محمد: وهذا وصف لازم للمتقين لأنهم يخشعون ويخشعون، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال: «أولياء الله قوم تحابوا في الله واجتمعوا في ذاته لم تجمعهم قرابة ولا مال يتعاطونه» وقوله: {لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} يحتمل أن يكون في الآخرة، أي لا يهتمون بهمها ولا يخافون عذاباً ولا عقاباً ولا يحزنون لذلك، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا أي لا يخافون أحداً من أهل الدنيا ولا من أعراضها ولا يحزنون على ما فاتهم منها، والأول أظهر والعموم في ذلك صحيح لا يخافون في الآخرة جملة ولا في الدنيا الخوف الدنياوي الذي هو في فوت آمالها وزوال منازلها وكذلك في الحزن، وذكر الطبري عن جماعة من العلماء مثل ما في الحديث من الأولياء الذين إذا رآهم أحد ذكر الله، وروي فيهم حديث: «إن أولياء الله هم قوم يتحابون في الله وتجعل لهم يوم القيامة منابر من نور وتنير وجوههم، فهم في عرصة القيامة لا يخافون ولا يحزنون» وروي عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من عباد الله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله قالوا ومن هم يا رسول الله؟ قال: قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام ولا أموال»، الحديث، ثم قرأ {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، وقوله: {الذين آمنوا} يصح أن يكون في موضع نصب على البدل من الأولياء، ويصح أن يكون في موضع رفع على الابتداء على تقديرهم الذين، وكثيراً ما يفعل ذلك بنعت ما عملت فيه أن إذا جاء بعد خبرها، ويصح أن يكون {الذين} ابتداء وخبره في قوله: {لهم البشرى}، وقوله: {وكانوا يتقون} لفظ عام في تقوى الشرك والمعاصي. .تفسير الآيات (64- 66): {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66)}أما بشرى الآخرة فهي بالجنة قولاً واحداً وتلك هي الفضل الكبير الذي في قوله: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً} [الأحزاب: 47] وأما بشرى الدنيا فتظاهرت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له، وروي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء وعمران بن حصين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وغيرهم على أنه سئل عن ذلك ففسره بالرؤيا، وعن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال: «لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة»، وروت عنه أم كرز الكعبية أنه قال: «ذهبت النبوءة وبقيت المبشرات»، وقال قتادة والضحاك: البشرى في الدنيا هي ما يبشر به المؤمن عند موته وهو حي عند المعاينة.قال القاضي أبو محمد: ويصح أن تكون بشرى الدنيا في القرآن من الآيات المبشرات، ويقوى ذلك بقوله في هذه الآية {لا تبديل لكلمات الله} وإن كان ذلك كله يعارضه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «هي الرؤيا» إلا إن قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى مثالاً من البشرى وهي تعم جميع الناس، وقوله: {لا تبديل لكلمات الله} يريد لا خلف لمواعيده ولا رد في أمره.قال القاضي أبو محمد: وقد أخذ ذلك عبد الله بن عمر على نحو غير هذا وجعل التبديل المنفي في الألفاظ وذلك أنه روي: أن الحجّاج بن يوسف خطب فأطال خطبته حتى قال: إن عبد الله بن الزبير قد بدل كتاب الله، فقال له عبد الله بن عمر: إنك لا تطيق ذلك أنت ولا ابن الزبير {لا تبديل لكلمات الله}، فقال له الحجاج: لقد أعطيت علماً فلما انصرف إليه في خاصته سكت عنه، وقد روي هذا النظر عن ابن عباس في غير مقاولة الحجّاج، ذكره البخاري، وقوله: {ذلك هو الفوز العظيم} إشارة إلى النعيم الذي به وقعت البشرى. وقوله: {ولا يحزنك} الآية، هذه آية تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم، المعنى ولا يحزنك يا محمد ويهمك قولهم، أي قول كفار قريش، ولفظة القول تعم جحودهم واستهزاءهم وخداعهم وغير ذلك، ثم ابتدأ بوجوب {إن العزة لله جميعاً}، أي فهم لا يقدرون على شيء ولا يؤذونه إلا بما شاء الله وهو القادر على عقابهم لا يعازه شيء، ففي الآية وعيد لهم، وكسر {إن} في الابتداء ولا ارتباط لها بالقول المتقدم لها، وقال ابن قتيبة لا يجوز فتح إن في هذا الموضع وهو كفر.قال القاضي أبو محمد: وقوله هو كفر غلو، وكأن ذلك يخرج على تقدير لأجل أن العزة لله، وقوله: {هو السميع} أي لجميع ما يقولونه {العليم} بما في نفوسهم من ذلك، وفي ضمن هذه الصفات تهديد، ثم استفتح بقوله: {ألا إن لله من في السماوات والأرض} أي بالملك والإحاطة، وغلب من يعقل في قوله: {من} إذ له ملك الجميع ما فيها ومن فيها، وإذا جاءت العبارة ب ما فذلك تغليب للكثرة إذ الأكثر عدداً من المخلوقات لا يعقل، ف {من} تقع للصنفين بمجموعهما، وما كذلك، ولا تقع لما يعقل إذا تجرد من أن تقول: ما قائل هذا القول؟ هذا ما يتقلده من يفهم كلام العرب، وقوله: {وما يتبع} يصح أن تكون {ما} استفهاماً بمعنى التقرير وتوقيف نظر المخاطب، ويعمل {يدعون} في قوله: {شركاء} ويصح أن تكون نافية ويعمل {يتبع} في {شركاء} على معنى أنهم لا يتبعون شركاء حقاً، ويكون مفعول {يدعون} وقوله: {إن} نافية و{يخرصون} معناه يحدسون ويخمنون لا يقولون بقياس ولا نظر، وقرأت فرقة{ولا يُحزنك}من أحزن، وقرأت فرقة{ولا يَحزنك}من حزن..تفسير الآيات (67- 70): {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}لما نص عظمة الله تعالى في الآية المتقدمة عقب ذلك في هذه بالتنبيه على أفعاله لتبين العظمة المحكوم بها قبل، وقوله: {لتسكنوا} دال على أن النهار للحركة والتصرف، وكذلك هو في الوجود، وذلك أن حركة الليل متعذرة بفقد الضوء، وقوله: {والنهار مبصراً} مجاز لأن النهار لا يبصر ولكنه ظرف للإبصار، وهذا موجود في كلام العرب إذ المقصود من ذلك مفهوم، فمن ذلك قول ذي الرمة: [الطويل]وليس هذا من باب النسب كعيشة راضية ونحوها. وإنما ذلك مثل قول الشاعر: [الكامل] فجعل الليل والنهار بهاتين الحالتين وليس يريد إلا أنه هو فيهما كذلك، وهذا البيت لمسجون كان يبيت في خشبة السجن، وعلى أن هذا البيت قد ينشد أما النهار بالنصب، وفي هذه الألفاظ إيجاز وإحالة على ذهن السامع لأن العبرة هي في أن الليل مظلم يسكن فيه والنهار مبصر يتصرف فيه، فذكر طرف من هذا والطرف الآخر من الجهة الثانية ودل المذكوران على المتروكين، وهذا كما في قوله تعالى: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} [البقرة: 171]. وقوله: {يسمعون} يريد ويعون، والضمير في {قالوا} للكفار العرب وذلك قول طائفة منهم: الملائكة بنات الله، والآية بعد تعم كل من قال نحو هذا القول كالنصارى ومن يمكن أن يعتقد ذلك من الكفرة، و{سبحانه}: مصدر معناه تنزيهاً له وبراءة من ذلك، فسره بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: {هو الغني} صفة على الإطلاق أي لا يفتقر إلى شيء من الجهات، والولد جزء مما هو غني عنه، والحق هو قول الله تعالى {أنتم الفقراء إلى الله} [فاطر: 15]، وقوله: {ما في السماوات}، أي بالملك والإحاطة والخلق، و{إن} نافية، والسلطان الحجة، وكذلك معناه حيث تكرر من القرآن، ثم وقفهم موبخاً بقوله: {أتقولون على الله ما لا تعلمون}، وقوله: {قل إن الذين يفترون على الله} الآية، هذا توعد لهم بأنهم لا يظفرون ببغية ولا يبقون في نعمة إذ هذه حال من يصير إلى العذاب وإن نعم في دنياه يسيراً، وقوله: {متاع} مرفوع على خبر ابتداء، أي ذلك متاع أو هو متاع أو على الابتداء بتقدير: لهم متاع، وقوله: {ثم إلينا مرجعهم} إلى آخر الآية توعد بحق. .تفسير الآية رقم (71): {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}تقدم في الأعراف الكلام على لفظة {نوح} والمقام وقوف الرجل لكلام أو خطبة أو نحوه، والمُقام بضم الميم إقامته ساكناً في موضع أو بلد، ولم يقرأ هنا بضم الميم وتذكيره: وعظه وزجره، والمعنى: يا قوم إن كنتم تستضعفون حالي ودعائي لكم إلى الله فإني لا أبالي عنكم لتوكلي على الله تعالى فافعلوا ما قدرتم عليه، وقرأ السبعة وجهور الناس وابن أبي إسحاق وعيسى: {فأجمعوا}من أجمع الرجل على الشيء إذا عزم عليه ومنه قول الشاعر: [الكامل]ومنه قول الآخر: [الخفيف] ومنه الحديث ما لم يجمع مكثاً ومنه قول أبي ذؤيب: [الكامل] وقرأ نافع فيما روى عنه الأصمعي وهي قراءة الأعرج وأبي رجاء وعاصم الجحدري والزهري والأعمش فاجمَعوا بفتح الميم من جمع إذا ضم شيئاً إلى شيء، و{أمركم} يريد به قدرتكم وحياتكم ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: {فتولى فرعون فجمع كيده} [طه: 60] وكل هؤلاء نصب الشركاء، ونصب قوله: {شركاءكم}، يحتمل أن يعطف على قوله: {أمركم}، وهذا على قراءة {فاجمعوا} بالوصل، وأما من قرأ: {فأجمعوا} بقطع الألف فنصب الشركاء بفعل مضمر كأنه قال: وادعوا شركاءكم فهو من باب قول الشاعر: [المتقارب] ومن قول الآخر: [مجزوء الكامل مرفل] ومن قول الآخر: [الرجز] وفي مصحف أبي بن كعب: {فأجمعوا وادعوا شركاءكم}، قال أبو علي: وقد ينتصب الشركاء بواو مع، كما قالوا جاء البريد والطيالسة، وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى وسلام ويعقوب وأبو عمرو فيما روي عنه وشركاؤكم بالرفع عطفاً على الضمير في {أجمعوا}، وعطف على الضمير قبل تأكيده لأن الكاف والميم في {أمركم} ناب مناب أنتم المؤكد للضمير، ولطول الكلام أيضاً، وهذه العبارة أحسن من أن يطول الكلام بغير ضمير، ويصح أن يرتفع بالابتداء والخبر مقدر تقديره وشركاؤهم فليجمعوا، وقرأت فرقة {وشركائكم} بالخفض على العطف على الضمير في قوله: {أمركم}، التقدير وأمر شركائكم، فهو كقول الشاعر [العجّاج]: أي وكل نار، والمراد بالشركاء في هذه الآية الأنداد من دون الله، فأضافهم إليهم إذ يجعلونهم شركاء بزعمهم، وقوله: {ثم لا يكن أمركم عليكم غمة}، أي ملتبساً مشكلاً، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الهلال، «فإن غم عليكم» ومنه قول الراجز: وقوله: {ثم اقضوا إلي} ومعناه أنفذوا قضاءكم نحوي، وقرأ السدي بن ينعم: {ثم أفضوا} بالفاء وقطع الألف، ومعناه: أسرعوا وهو مأخوذ من الأرض الفضاء أي اسلكوا إلي بكيدكم واخرجوا معي وبي إلى سعة وجلية، وقوله: {ولا تنظرون} أي لا تؤخرون والنظرة التأخير.
|